مع استعداد نيودلهي لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تواصل الهند ممارسة دبلوماسية اقتصادية محفوفة بالمخاطر تتمثل في إدارة شراكات متزامنة مع قوى عالمية متنافسة، في محاولة منها لتعظيم المكاسب الاقتصادية والأمنية الوطنية دون انحياز.
الأركان الاقتصادية للعلاقة مع روسيا:
- أمن الطاقة وتخفيف التضخم: استمرت الهند في كونها أكبر مشترٍ للنفط الخام الروسي بعد فرض الحظر الغربي، مما وفر لها إمدادات طاقة بأسعار مخفضة ساهمت في كبح جماح التضخم وتحسين الميزان التجاري.
- علاقات التوريد العسكري التقليدية: لا تزال الهند تعتمد على روسيا في تحديث ترسانتها العسكرية، مع مفاوضات جارية لصفقات أسلحة كبرى، وهو تعاون يصعب تحويله بسرعة نظراً للاعتماد التاريخي.
- العلاقة الموروثة: يمثل التعاون الثنائي استمرارية لشراكة اقتصادية وسياسية ممتدة منذ الحقبة السوفيتية، حيث تُعد روسيا مصدراً موثوقاً للتكنولوجيا والسلع الأساسية في قطاعات حساسة.
الأركان الاقتصادية للعلاقة مع الولايات المتحدة:
- الشراكة التكنولوجية والاستثمارية: تسعى الهند لجذب الاستثمارات الأمريكية في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والبنى التحتية الرقمية، وتعزيز سلاسل التوريد البديلة بعيداً عن الصين.
- الوصول إلى الأسواق والتفاوض التجاري: تواجه الهند ضغوطاً للتوصل إلى اتفاقية تجارية ثنائية مع واشنطن، وسط آمال بتخفيف الرسوم الجمركية الأمريكية التي تهدد صادراتها.
- التكامل مع الاقتصادات الغربية: يمثل التقارب مع الولايات المتحدة مدخلاً لتعزيز علاقات الهند مع حلفائها الغربيين والاندماج في سلاسل القيمة العالمية التي تهيمن عليها الدول الغربية.
التحدي الاقتصادي الاستراتيجي:
تقف الهند في مركز توازن دقيق حيث تُوازن بين:
- المنفعة الاقتصادية الآنية من العلاقة مع روسيا (نفط رخيص، أسلحة).
- المصلحة الاستراتيجية طويلة الأجل مع الولايات المتحدة (تكنولوجيا، استثمار، انفتاح تجاري).
مخاطر ومكاسب السير على الحبل المشدود:
- المكاسب المحتملة: نجحت الهند حتى الآن في استغلال تنافس القوى العظمى لتحقيق فائض اقتصادي مؤقت وتعزيز مكانتها كقوة لا يمكن تجاهلها في المعادلة الجيوسياسية.
- المخاطر المرتفعة: قد تدفع التوترات بين المعسكرين إلى نقطة تتطلب من الهند اختياراً صعباً، مما يعرضها لعقوبات ثانوية أو تقييد وصولها إلى الأسواق والتكنولوجيا الغربية.
الخلاصة:
تمثل إستراتيجية الهند محاولة ذكية لـ تحقيق أقصى استفادة من النظام الدولي متعدد الأقطاب، لكنها تستند إلى افتراض أن التوترات بين موسكو والغرب لن تتجاوز عتبة تصبح معها الحياد مستحيلاً. تُمثل زيارة بوتين اختباراً لهذه الإستراتيجية – فكلما ازدادت عزلة روسيا، ازدادت تكلفة التعاون الاقتصادي معها، وقد تضطر الهند في النهاية لإعادة معايرة ميزانها الاقتصادي لصالح الشراكة مع الغرب.



















