ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”البريطانية في عددها الصادر اليوم الجمعة أنه في الوقت الذي يستعد فيه مجلس الشيوخ الأمريكي لمحاكمة عزل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، فإن قلة من نوابه يدركون العواقب التي ربما تقع بشكل غير مقصودة على الرئيس المنتخب جو بايدن.
وقالت الصحيفة (في تقرير لها نشرته في هذا الشأن على موقعها الالكتروني) إن بايدن سوف يتولى منصبه الأسبوع المقبل بأجندة تشريعية طموحة؛ تشمل تمرير سريع من خلال الكونجرس لحافز بقيمة 1.9 تريليون دولار لدعم الاقتصاد الذي تضرر بشده من جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
لكن محاكمة ترامب وما سببته من نقاشات ساخنة داخل أروقة الكونجرس سوف تشكل بكل تأكيد عاقب أمام تلك الأهداف، وفقًا لوليام جالستون من معهد بروكينجز، الذي عمل كمساعد للرئيس الأسبق بيل كلينتون للسياسة الداخلية.
وقال جالستون، في هذا الشأن:” أعتقد أنه من الواضح جدًا بناءً على ما قاله الرئيس المنتخب، وما لم يقوله، فإن اجراء المحاكمة تتعلق بآخر شيء يريده – لاسيما في الفترة الراهنة. فهي من شأنها أن تمثل مشكلة عملية وسياسية على حد سواء”.
وأضاف:” أنه يتحتم الآن بعد أن تم اتهام ترامب بالتحريض على التمرد داخل مبنى الكابيتول من قبل أنصاره، أن يتم نقل المساءلة إلى مجلس الشيوخ، حيث ستتم المحاكمة”.
في السياق ذاته، أبرزت “فاينانشيال تايمز” أن بايدن أبدى قلقه علانية بشأن الكيفية التي سيتعامل بها الكونجرس مع عملية العزل. وبعد توجيه الاتهام إلى ترامب يوم أمس الأول، أصدر بايدن بيانًا دعا فيه مجلس الشيوخ إلى إجراء المحاكمة “مع العمل أيضًا على معالجة التحديات العاجلة التي تواجه الأمة”، بما في ذلك “وضع برنامج اللقاح لدينا في المسار الصحيح. مع تكثيف ومواصلة جهود دعم اقتصادنا”.
وتابعت الصحيفة:” أنه من الناحية العملية، قد تتسبب محاكمة العزل أيضًا في تباطؤًا عملية تثبيت تعيينات مجلس الوزراء الجديد الذي يحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ”.
وأشارت إلى أنه في هذا الأسبوع، رفض زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل مطالب الديمقراطيين بإعادة عقد المجلس في وقت مبكر لإجراء محاكمة فورية، مما يعني أن الغرفة العليا ستعود الثلاثاء المقبل، وهو اليوم الأخير لترامب في منصبه. ومن المرجح أن تبدأ المحاكمة بعد ظهر اليوم التالي، مباشرة بعد تنصيب بايدن، على الرغم من أن بعض الديمقراطيين اقترحوا تأجيل المحاكمة.
كما أبرزت الصحيفة البريطانية أن هناك بالفعل علامات تشير إلى احتمالية تأجيل المحاكمة. حيث ذكرت وسائل إعلام أمريكية يوم أمس الخميس أن بايدن استعان بنائب وزير الدفاع الحالي ديفيد نوركويست لإدارة الوزارة بالوكالة إلى أن يتلقى مرشح الرئيس المنتخب، الجنرال المتقاعد من فئة الأربع نجوم لويد أوستن، تنازلاً وموافقة من مجلسي النواب والشيوخ نظرا لحتمية أن يتولى هذا المنصب شخصا مدنيا وليس عسكريا، وفقا للدستور الأمريكي.
وقال دوج هاي، الخبير الاستراتيجي الجمهوري:” اننا سنحتاج إلى وزير خارجية، سنحتاج إلى مدع عام ، سنحتاج إلى مدير وكالة المخابرات المركزية”.
وأشار إلى الاعتداء الذي استهدف مبنى الكابيتول الأمريكي الأسبوع الماضي من قبل أنصار ترامب:” اننا سنحتاج هؤلاء المسئولين في أقرب وقت ممكن، خاصة بالنظر إلى نقاط الضعف التي لدينا. ونحن لا نريد أن نكون في وضع يمكن فيه لخصومنا الاستفادة من ذلك”.
وفي أعقاب الهجوم على مبنى الكابيتول، حاول بايدن، حسبما قالت الصحيفة، الابتعاد عن دوائر الخلافات الخاصة بالمساءلة. وأوضح، بعد يومين من أعمال الشغب، أن الأمر برمته متروك للكونجرس، لكن إذا شرعوا في توجيه الاتهام إلى ترامب ، فسيتعين عليهم أيضًا “أن يكونوا مستعدين لبدء العمل” /على حد قوله/.
مع ذلك، أشار مات بينيت، مؤسس مركز ثيرد واي للفكر الديمقراطي الوسطي، إلى أنه قد يكون هناك جانب إيجابي لبايدن في هذه المحاكمة، حيث ستكون جميع وسائل الإعلام مهووسة بمحاكمة ترامب بدلاً من محاولة تتبع كل خطوة ربما تخطوها الإدارة الجديدة بشكل خاطئ. وقال: “إذا لم يكن التركيز على بايدن لفترة من الوقت، أعتقد أن هذا كله على الأرجح يعود إلى صالحه”.
لكن جالستون، من معهد بروكينجز، رد بالقول بإن المحاكمة قد تجعل من الصعب على بايدن الوفاء بتعهده الذي كرره كثيرًا بتوحيد صفوف البلاد بعد سنوات اعتبر أنها اثارت الانقسامات داخل الشعب الأمريكي.